بذرة سوف تكون شجرةً بإذن الله !!
( هذا المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
بالأمس القريب انتهت الجولة الأولى لحرب صامتة ضروس دامت لأكثر من ستين عاماً .. حرب كانت لإخماد مخطط كبير يقوم به النصف الغربي من الكرة الأرضية .. أضابيرها تمت بأيد الصهاينة ومن خلفها الجماعات الكنسية العالمية .. فلا نقول لقد نجحنا في إخمادها .. ولكن نقر بأن الجانب الأضعف قام بواجب النضال وحيداً في الساحة .. وقدم الغالي والنفيس من الأنفس والأموال .. عدد الذين نحسبهم من الشهداء في مواجهة حرب كانت غير متكافئة يربو أكثر من المليونين .. وعدد القتلى من كل الجوانب يفوق الأربعة ملايين .. حرب علمنا المخطط لها في بديات الخمسينات من القرن الماضي .. عندما بدأت الكنائس والجمعيات الصهيونية نشاطاً غير عادي بين الشعوب البدائية التي تقطن الجزء الجنوبي لما كان يعرف بالسودان السابق .. وذلك بالاستقطاب ونشر تعاليم التبشير .. وكفالة الأسر والأطفال بكل مستلزمات الحياة .. كنا نعرف نواياهم وكنا ندرك خطورة مخططاتهم .. وقد واجهناهم حرباً بحرب .. ومواجهة بمواجهة .. مع تيقننا بأن الكفة غير متوازنة وأننا نمثل الجانب الأضعف أمكانياً وتخطيطاً .. وعندما أصبحت تلك الحرب حجر عثرة أمام تقدم البلاد كان لا بد أن نذعن لسلطة الواقع .. فدخلنا في حوار ثم برتوكولات نيفاشا .. وبموجب تلك الاتفاقيات كان المخاض بولادة دولة جديدة .. وكما كنا نتوقع فإن دولة الصهاينة كانت هي من أولى الدول التي اعترفت بالدولة الجديدة ولا غرابة في ذلك .
ولكن الإنسان عادة لا يعدم الحيلة .. فهناك جماعات كثيرة عملت أيضاً في صمت .. وهي مشكورة ومقدرة .. فقد تمكنت بالرغم من إمكانياتها المحدودة في نشر الدين الإسلامي بين أعداد كبيرة نسبياً بين الجنوبيين .. وهناك الآن بفضل الله أكثر من مليونين مسلم جنوبي .. وبذلك هم يمثلون الترتيب الثاني من حيث التواجد الديني .. وعدد أكبر قليلاً يمثلون الطوائف الكنسية أما باقي المواطنين هناك مازالوا وثنيين أو أهل عبادات محلية موروثة .. وهم يمثلون الغالبية .. كما أنهم يمثلون الأرضية الخصبة للمعركة القادمة بين الأديان في تلك الدولة الجديدة .. وعليه فإن المسلمين الجنوبيين في الدولة الجديدة في أشد الحاجة إلى تعاضد أخوانهم المسلمين في جميع أنحاء العالم .. حتى يستطيعوا مواجهة المقدرات الكبيرة للكنائس العالمية .. فنحن لو خسرناها أرضاً سوف نكسبها بإذن الله عملاً صالحاً يورق الأعداء . وتلك بذرة ما كانوا يريدونها .. ولكنها أصبحت واقعاً يثلج الصدور .. وصوت الآذان في مدينة ( جوبا ) أو في مدينة ( ملكال ) عندما يرفع للصلاة يمثل لنا في أعماقنا نصراً ما بعده نصر . ويدخل ضمن الانتصارات الصامتة التي تعم العالم .. وحيث أن صوت نداء الحق يزداد يوماً بعد يوم في بقاع مختلفة من الكرة الأرضية .. ورغم كيد الأعداء .. وما النصر إلا من عند الله .