نحاول كثيراً أن نكون بغير تلك الصورة التي نحن عليها .. ونفوسنا تتوق أن نكون في مقدمة الأمم المتحضرة الراقية .. ونحن صيتنا في التاريخ أحسن حالاً من حالنا في واقع اليوم .. ومع ذلك فقد آن الأوان لنلتفت بجدية لواقع الحال .. ثم نضع الأصبع في مواقع السلبيات ونعالجها بروية وعلى أسس علمية وباهتمام أكثر من المعهود حالياً .. فنحن خبراتنا كبيرة في خلق الخصومات .. ونجيد فن الخلافات .. سماحة القول لدينا إشارة ضعف .. والكلمة الطيبة في قواميسنا تعنى الخضوع والإذلال .. نحن لا نحسن الظن بالبعض ولا نحسن الظن بالأصدقاء .. وقـد نحسن الظن بالأعداء .. متى ما التقينا في محفل من المحافل نحمل في الكف أجندة الحوار .. وفي القلب أجندة الشجار .. تحسبنا جميعاً وقلوبنا شتى .. ماذا يضيرنا لو التقينا بنخوة المحبة والعقيدة .. ثم افترقنا والقلوب تتوق للقاء من جديد .. ماذا يضيرنا لو رفضنا حبال المحاور التي تشدنا إلى هناك حيث أطرافها في أيد الأعداء .. ثم ماذا يضيرنا لو تركنا أمورنا لأهل الشأن والعلماء .. يجب أن يكون لنا كياننا الخاص ومصالحنا الخاصة دون تدخل الدخلاء .. العقول الكبيرة متوفرة لدينا بفضل الله .. ولكن المساحات المتاحة لها للعمل والتفكير محدودة للغاية .. وعادة أهل التفكير والعلماء لدينا الأسماء لهم في القوائم السوداء .. لعدم ميولها لجهة تسلط أو لعدم رغبتها في مواكبة الغث والأهواء .. وفرص الحرية متاحة لهم بشدة لدى الأعداء .. وهناك يجدون المجال والمكانة ويجدون كل مسببات الإبداع والابتكار .. الخلل لدينا في كل المسارات .. ونحن نعاني النقص في ضروريات الحياة من قوت وتعليم وصحة وأمن .. وكلمة ( نحن هنا ) لا تشمل البعض بل تشمل الغالبية .. فهناك أقوام في مجتمعاتنا تعيش حياتها الخاصة المترفة .. حيث أخذت حقها من الحظوظ وأخذت حقوق غيرها .. وهناك الغالبية المنسية والتي تعيش هوامش الحياة .. والكثير من المسارات في مجتمعاتنا في حاجة إلى إسعافات عاجلة وعادلة .. نحن أمة الإمكانيات الاقتصادية لها كبيرة بفضل الله .. وخلل النقص في مناطق يكفله خلل التوفر في مناطق أخرى .. والمسألة فقط مجرد توافق وتناسق وإبداء الرغبة الصادقة في التعاون المثمر .. ولكن هناك نفوس ترى استجلاب ضروريات الحياة من الأعداء بشروطها أفضل كثيراً من جلسة خصام ومناوشات مع الأصدقاء .. أما لماذا الخصام ولماذا المناوشات فتلك فطرة كامنة في نفوسنا .. أعيت الحكماء في التخلص منها ..
( هذا المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
كلمة ( الوحدة ) أصبحت كلمة طاردة أكثر منها جامعة .. وذلك بفعل تجارب سابقة بغيضة فرسانها أهل الخلافات .. وبقيت في الواجهة مسميات ( الطائفية ) ( والقومية ) ( والأقلية ) وكلها مسميات تعنى الشتات وتعنى العصبية .. وتعنى الانقسامات .. ويحاول البعض أن يأتي بمسميات اجتهادية حتى يوجد توازن في الخلافات مثل مسميات التكامل .. ومسميات مجالس التعاون .. ومسميات دول منطقة كذا وكذا .. وكلها نجد في دهاليزها الخلفية كوامن خلافات كبيرة شتى !! .. ثم نشد الرحال لمسمى أقوى وأشمل إذا أحسنا التفاهم وهو مفهوم ( عروة العقيدة ) حيث هناك روابط كثيرة تجمع ولا تفرق .. رابطة التوحيد ورابطة القبلة الواحدة .. ورابطة الأخوة في الدين .. ورابطة الأركان العبادية .. ورابطة المؤتمر السنوي في سعيد عرفات .. ولكن أيضاً هناك شروخ .. ومسميات ( سنة وشيعة وأخرى ) وتحت كل مسمى فرق وفرق .. ولو أن الأمر أختصر التفرقة في سلوك الفرد العبادية لكان الأمر هيناً .. ولكن التفرقة تعاظمت شأناً وسياسياً حتى أصبحت تمثل محاور استقطاب .. وفي النهاية نجد أن السلبيات في كل المسارات .. هي حقائق أصبحت متعايشة يومياً .. وقد كبلت تقدمنا نحو الأمام .. وقد آن الأوان لكي نخرج من دوامة المعاناة في الحياة وفي السيرة الذاتية للأمة .. فهي أمة حية وليست أمة إرهابية كما يطلق الأعداء عليها . فإذا توحدت طاقات تلك الأمة ونبذت الخلافات البينية والفتن . فإنها سوف تكون من أقوى وأرقى أمم الأرض .
( هذا المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )