أصدرت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ حكما مشددا في قضية التجسس لصالح الموساد الاسرائيلي والمتهم فيها طارق عبدالرازق حسين صاحب شركة إستيراد وتصدير
وإيديه موشيه وجوزيف ديمور ضابطا المخابرات الاسرائيلية الهاربان حيث قضت المحكمة بمعاقبة المتهمين الثلاثة بالسجن المؤبد.
صدر الحكم برئاسة المستشار جمال الدين صفوت وعضوية المستشارين محمد طه جابر ومحمود السيد المرلي وسكرتارية محمد عبدالعزيز منصور وصبحي عبدالحميد طعيمه وقد قوبل الحكم من قبل المتهم بهدوء شديد ولم تظهر علي وجهه ثمة علامات من ندم أو غضب وسرعان ما قامت الأجهزة الأمنية بأنزاله من قفص الاتهام وترحيله إلي السجن وقالت المحكمة في أسباب حكمها إنها في مثل هذه القضايا تقع في حيرة من امر المتهم وتتساءل لماذا يتعامل شاب نشأ في مصر, منذ ولادته وحتي الكبر مع دولة أجنبية اشتهر عنها شغفها بجمع المعلومات عن مصر وتخابر معها ويمدها بكل معلومة صغيرة وكبيرة وهو يعلم ان ذلك يضر بمصلحة بلاده وبأمنها القومي فهل قام بذلك لكراهيته لمصر أم أن مجموعة من العوامل اللاخلاقية دفعته الي ذلك ان الأمر يستحق الدراسة المتخصصة من علمائنا في شتي المجالات من علوم إجتماع نفس وتربية لاسيما انه من بديع الخلق ان الأنسان لا يولد بالخيانة وإنما يكتسبها من علوم عدة وأشارت المحكمة إلي إنه لا يسعها في النهاية إلا ان تطبق القانون علي كل من يثبت ادانته في أفعال السعي والتخابر لدي دولة أجنبية في حالة المتهم طارق عبدالرازق وأضافت المحكمة إنه تبين لها من التحقيق الذي أجرته خلال جلساته السرية أن رجال المخابرات العامة المصرية بالتعاون مع نيابة أمن الدولة وممثلها المستشار طاهر الخولي المحامي العام الأول للنيابة تنهم تمكنوا من ضبط جهاز المعلومات المعطي من الموساد للمتهم وبه معلومات خطيرة وسرية تمس الأمن القومي لدول عربية تعرض سياسة مصر الخارجية مع الدول الشقيقة لمشاكل واضطرابات وقالت المحكمة أن هذه المعلومات كانت بمثابة الحلم لجهاز الموساد فلم يكن متصور انه في إمكانية أي جاسوس ان يتحصل عليها الا أن جهاز المخابرات العامة تستطاع في اللحظة المناسبة الحيلولة دون تسرب هذه المعلومات.
قبل النطق بالحكم
وكانت المحكمة قد شهدت إجراءات أمنية مشددة حيث صعد المتهم من غرفة الحجز بالمحكمة الي قفص الاتهام إلا قبل الحكم بدقائق الذي صدر في العاشرة والنصف من صباح أمس وكان مرتديا تريننج أبيض وكاب علي رأسه ومتماسكا ولم يتحدث مع أحد من وسائل الاعلام وقد خرج رئيس المحكمة من غرفة المداولة ليعلن الحكم بينما كان المتهم يتوقع صدور الحكمة ببراءته إلا انه فوجئ برئيس المحكمة يتلو جزءا من أسباب الحكم فتوقع ان يصدر الحكم بعقوبة مشددة ولم يعلق علي الحكم.
القضية في سطور
كانت نيابة أمن الدولة العليا قد تسبت الي المتهمين الثلاثة انهم خلال الفترة من مايو2008 وحتي أول اغسطس2010 تخابروا مع الموساد الاسرائيلي والعمل لحساب دولة أجنبية بقصد الاضرار بالمصالح القومية للبلاد حيث قام المتهم الاول طارق عبدالرازق(37 عاما) أثناء وجوده بالخارج بالأتفاق مع المتهمين الاسرائيليين علي العمل معهما لصالح المخابرات الاسرائيلية وإمدادهما بالتقارير والمعلومات عن بعض المسئولين الذين يعملون في مجال الاتصالات لأنتقاء من يصلح للتعاون مع الموساد بغية الأضرار بالمصالح المصرية كما نسبت إلي المتهم الأول طارق عبدالرازق أيضا إنه قام بعمل عدائي ضد دولتين اجنبيتين سوريا ولبنان من شأنه الاضطرار بالمصالح المصرية وقطع العلاقات السياسية معهما بأن اتفق بالخارج مع المتهمين الأسرائيليين لصالح المخابرات الأسرائيلية علي إمدادها بالتقارير والمعلومات عن بعض السوريين واللبنانيين لأنتقاء من يصلح منهم للتعاون مع الموساد وينقل تكليفات من اسرائيل لأحد عملائها بسوريا وكان من شأن ذلك تعرض مصر لخطر قطع العلاقات السياسية مع هاتين الدولتين واعترف المتهم طارق عبدالرازق تفصيليا خلال التحقيقات عن عمليات تجنيده لحساب الموساد والتي بدأت في ضوء مبادرته بإرسال رسالة الي الموساد عبر شبكة الانترنت عارضا فيها رغبته في التعاون معها وإبلاغه لهم بأنه مصري مقيم في الصين كما أدلي باعترافت تفصيلية تتعلق باللقاءات التي جرت بينه وبين رجال الموساد في عدد من الدول وهي الهند والصين وتايلاند وكمبوديا ونيبال ولاوس وقرر أيضا خلال التحقيقات تلقيه تعليمات منهم للعمل علي إنتقاء واستقطاب عناصر سورية ولبنانية للتعاون مع الموساد وأعترف المتهم أمام المستشار طاهر الخولي المحامي العام. نفذ تكليفات صادرة إليه من الموساد الأسرائيلي بالسفر الي سوريا حيث التقي هناك بمواطن سوري عمل لاسرائيل ونقل منه بعض المعلومات لضابطي الموساد الهاربين من خلال شبكة الانترنت كما كشف ان الموساد سعي الي الحصول علي أرقام هواتف كبار المسئولين المصريين خصوصا في الوزارات الحساسة بهدف تنفيذ عمليات ضدهم في أي وقت وتداولت القضية علي مدار عدة أشهر حيث قامت المحكمة بتحقيق القضية وتلبية جميع مطالب المتهم بأنتداب محاميه الذي يرتضيه وتفريغ أجهزة اللاب توب الخاصة به الموجودة معه في جلسات سرية نظرا لسرية المعلومات وخطورتها كما استمعت المحكمة الي مرافعة النيابة الذي مثلها المستشار طاهر الخولي وطالب بتطبيق أقصي عقوبة علي المتهم ووصفه بأنه خائن ديني باع وطنه من أجل حفنة من الدولارات واستمعت المحكمة إلي مرافعة الدفاع الذي طعن علي اعترافات المتهم وبطلانها لأنها وليدة إكراه معنوي وطلب في نهاية مرافعته ببراءته لبطلان الدليل المادي في القضية وقررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة أمس.