التمني هو طلب حصول الشيء المحبوب دون أن يكون لك طمع وترقب في حصوله ،
ذلك لأن الشيء الذي تحبه إن كان قريب الحصول مترقب الوقوع كان ترجيا ، ولا يسمى تمنيا ، والترجي ليس من أقسام الإنشاء الذي ليس طلبيا ، وإنما لم يعدوا الترجي من الإنشاء الطلبي ، مع أنهم جعلوا التمني منه ، لأن التمني طلب الشيء ، ولكن الترجي ترقب حصول الشيء .
ولهذا إن ما استقر عند بعض الناس من أن التمني هو طلب المستحيل ، والترجي طلب الممكن ؛ خال من الدقة ؛ لأن التمني قد يكون لغير المستحيل. هذا من جهة ومن جهة ثانية ، فإن الترجي ليس طلبا ، وإنما هو ترقب حصول الشيء . لذلك لم يعدوه من الإنشاء الطلبي .
التمني – إذن – طلب الشيء المحبوب ، وقد يكون ممكنا ، وقد يكون مستحيلا ، فالنفس كثيرا ما تطلب المستحيل ، فإذا كان الشيء المتمنى ممكنا ، فيجب أن لا يكون ما تتوقعه نفسك ؛ لأنك إذا توقعته كان ترجيا ، فإذا قلت : ليت لي دارا . فينبغي أن لا تكون متوقعا لما تتمناه ؛ لقلة ذات اليد ، ولكثرة التكاليف ، وغيرهما من الأسباب ، وهذا أمر ممكن غير مستحيل ، ولكن صعوبة تحققه تجعلك غير متوقع له .
أما إذا كانت الأسباب مهيأة لك ، وكن تتوقع الحصول على تكاليف هذه الدار فإنك تستعمل ( لعلّ) ، فتقول :
لعلّ لي داراً .ولعلك أدركت الفرق بين التمني والترجي .